إيفا الشوفي
منذ أكثر من شهرين تبدّلت حياة روزين موغليان القاطنة في برج حمود. فجأة ظهرت على روزين عوارض فشل حاد في الكبد، وتطوّرت الأمور بسرعة. تدهورت حالة روزين، التي تعمل معالجة نفسية وتهتم بأسرة مؤلفة من ولدين، من دون أن يتمكن الأطباء من الوصول الى تشخيص دقيق للسبب.
يقول بعض الأشخاص المقربين منها انه قد يكون مكان سكنها، في برج حمود حيث جبل النفايات والحرائق المستمرة للنفايات، سبباً في حالتها التي ظهرت فجأة، لكن ما من شيء يثبت هذا الأمر حتى اليوم. إلّا ان الثابت هو ما أظهرته دراسة سابقة للجامعة الأميركية في بيروت أجرتها الدكتورة نجاة صليبا وأكّدت فيها أنّ "خطر الإصابة بالسرطان في المناطق السكنيّة، حيث يجري إحراق النفايات، ارتفع إلى نسبة 37 شخصاً بالغا و186 طفلا من كل مليون نسمة". حالياً، تحتاج روزين إلى عملية زرع كبد طارئة في غضون الأسبوعين المقبلين لإنقاذ حياتها.
بالانتقال إلى هذه المرحلة، بدأت روزين معركة جديدة مع النظام الصحي في لبنان. لا مكان للوالدة في مستشفيات هذا البلد حيث "لا تجري عملية زرع الكبد سوى في مستشفى الجامعة الأميركية ومن دون تغطية من صندوق الضمان الإجتماعي"، وحيث "لا يوجد نظام تبرّع بالأعضاء فعّال لتأمين كبد لروزين". ما تواجهه روزين اليوم، يواجهه العشرات يومياً، الذين يموتون لأنه ليس لديهم الحق في استشفاء مجاني بنوعية جيدة.
هكذا، بات الحل الوحيد يتمثّل في نقل روزين الى فرنسا حيث يمكن الإستعانة بكبد شخص متوفٍّ، إلّا أنّ تكلفة العملية تبلغ 243 ألف يورو يجب تأمينها كي تُعطى روزين تأشيرة دخول الى فرنسا فيتم إنقاذ حياتها. أنظار العائلة ستكون موجهة اليوم الى وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور الذي وعد بطرح بند تأمين المبلغ لعلاج روزين في جلسة مجلس الوزراء والبت به سريعاً. تُجري العائلة منذ أيام اتصالات مع الوزراء وتبدو الأجواء إيجابية، إذ أعلن كثيرون انهم سيوافقون على البند. تدلّ هذه النقطة مجدداً على حجم مأساة الناس في هذا النظام القائم على الزبائنية والمحاصصة، وتؤكد أن لا حل سوى بإقرار التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين واصلاح النظام الصحي برمته، لأن الإستشفاء المجاني حق أساسي للناس مرتبط بحقهم الطبيعي بالصحة. بالمقابل، وعدت السفارة الفرنسية في لبنان عائلة روزين، عقب الحملة التي بدأت على مواقع التواصل الإجتماعي من أجل إنقاذها، بإعطائها تأشيرة الدخول الى فرنسا في اليوم نفسه الذي يتم فيه تأمين المبلغ. حتى أمس تمكنت العائلة من جمع تبرعات بقيمة 80 الف دولار بانتظار إقرار المبلغ المتبقي في جلسة مجلس الوزراء، وعليه هناك وقفة تضامنية اليوم عند الساعة 9 صباحاً في ساحة رياض الصلح للضغط على مجلس الوزراء لتمرير القرار، لأنه إذا تأخرت روزين في السفر الى فرنسا "سيكون هناك خطر من عدم القدرة على إجراء عملية الزرع". يعد القيمون على الحملة الإلكترونية انّ الأمر من اليوم لن يقتصر على حالة روزين، إنما ستُبذل جهود للضغط في ملف الصحة من أجل المطالبة بتنظيم عمليات التبرع والزرع في لبنان لإنقاذ العشرات من الموت سنوياًً.
مجتمع واقتصاد
