لا يمكن تكريم عائلات «واهبي الحياة» أن يشبه أي تكريم آخر. فهؤلاء المفجوعون بأبنائهم وإخوانهم وآبائهم كانوا يستحقون أكثر من مجرد تصفيق الأيدي في حفل تكريمهم أمس، في مناسبة اختتام السنة الثانية للتعاون بين اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء والأنسجة وزرعها، والوكالة الإسبانية للتعاون والتنمية الدولية. كانوا يستأهلون شيئاً يشبه تماماً ما أعطوه من الحياة لآخرين كانوا قد أوشكوا على الموت. أمس، في قاعة بيار أبي خاطر في كلية العلوم الإنسانية في جامعة القديس يوسف، بدا كل شيءٍ أسود تحت الأضواء الخافتة، حتى الوجوه. ربما هو الحزن الذي بدا جلياً على وجوه الأمهات والأخوات والأبناء والبنات الذين حضروا لينالوا «شهادات تقدير»... عمّا فعلوه. لكن، لم يحضروا كلهم لهذه الغاية، فثمة من حضر لعلّه يرى عيون والده في وجه آخر، بعدما رفضت المستشفى إعطاءه اسم المتلقّي، كما إلياس حبيب العبس. كثر كإلياس حضروا لهذه الغاية، وهم المحتاجون إلى نظرة غابت عنهم طويلاً، أو نبض في قلبٍ آخر، أو أي شيء كان يوماً ما لأحبائهم. وقبل أن يكرّم هؤلاء، اختصر الشركاء من اللجنة الوطنية والوكالة الإسبانية مسيرة عام ثان من التعاون، حيث كان من أهم نتائجها رفع أعداد الواهبين لهذا العام بنحو غير مسبوق، إذ ارتفع العدد من واهبي الأعضاء والأنسجة إلى 9 واهبين. وهذا معناه: 6 أعضاء من كل واهب إن كانت كلها سليمة. أما النتيجة التالية التي لا تقل أهمية، فهي التدريب الذي قامت به اللجنة للجسم الطبي لتطوير معرفته بكيفية المحافظة على أعضاء الواهبين والتواصل مع عائلاتهم. أما ممثل وزير الصحة العامة، الدكتور الياس وراق مدير بنك العيون، فقد أورد عدداً من الإجراءات المتعلقة بدور الوزارة المقبل، وهي «تعديل المساهمة المالية الممنوحة من الوزارة للجنة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة لتعميم البرنامج على كل المراكز الاستشفائية، ووضع آلية لتطبيق القرار رقم 979/1 المتعلق بتغطية كلفة الواهب المتوفى دماغياً تسهيلاً لمعاملات المستشفيات وكلفة العمل الجراحي، إضافة إلى تعديل كلفة عمليات زرع الأعضاء لمساعدة المرضى على تحمّل أعباء الزرع واستحداث سجل للوفيات والوهب وزرع الأعضاء، وإدخال برنامج الوهب كفصل أساسي في تصنيف المستشفيات». كذلك كان للجنة الوطنية توصيات إضافية، ومنها «الطلب من وزارة التربية إدخال فصل وهب الأعضاء والأنسجة في البرنامج التعلمي من باب الثقافة العامة، والطلب من وزارة الاتصالات تزويد اللجنة بخطوط خاصة لتسهيل العمل».
راجانا حمية
